تفسير حديث ( لعن الله اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) أخرجه البخارى
يقول شيخنا عليه سحائب الرحمة : إن هذا الحديث يحتاج إلى فهم دقيق . أولها أن النصارى لا يوجد عندهم قبر نبى لآن نبيهم سيدنا عيسى عليه السلام رفع إلى السماء وليس له قبر ــــــ وسبب الحديث أن السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تتحدث مع نساء هاجرن إلى الحبشة ثم عدن فهن يحكين لها ما رأينه فى كنيسة الحبشة التى تسمى ( مارية ) وأن فيها تمثال سيدنا عيسى عليه السلام وتمثالا للسيدة مريم عليها السلام وما يفعله النصارى مع هذين التمثالين فقال النبى صلى الله عليه وسلم لما سمع هذا الكلام ( لعن الله اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ولا توجد قبور للنصارى فى الحبشة وإنما الذى كان التحدث عنه هى التماثيل ومازالت هذه الكنيسة موجودة حتى الآن وفيها تمثال لسيدنا عيسى وتمثال للسيدة مريم وكل من دخل الكنيسة يذهب غيسجد لهذين التمثالين . ويكون المراد من القيود هنا التماثيل التى فى الكنيسة والتى يسجدون لها والحمد لله لم يقع ذلك للمسلمين أبدأ فى مشارق الأرض ومغاربها لأن النبى صلى الله عليه وسلم بشر الأمة الأسلامية بعدم الشرك بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدى ) أخرجه البخارى ومسلم .
و أما بالنسبة لليهود فإن المراد هنا بالمسجد المعنى المعنوى وهو مكان السجود ولذلك قال شراح البخارى فى شرح هذا الحديث إما أن يسجدوا وإما أن يتخذوها قبلة للسجود وإما أن يسجدوا لها من دون الله وإما أن يتخذوها قبلة للصلاة ومن هذا نعلم أنهم لم يبنوا عليها مساجد يصلون فيها لله تعالى أو بجوارها .
ويستطرد شيخنا الأمام الجعفرى رضى الله عنه قائلا : ومما يدل على صحة ما قدمته ما فى حاشية الشيخ السندى الحنفى على متن النسائى عند هذا الحديث عن الشيخ البباوى رحمه الله أنه قال ( لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون لها فى الصلاة ونحوها وإتخذوها أوثانا لعنهم الله ومنع المسلمين من مثل ذلك فأما من إتخذ مسجداً فى جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا للتوجه نحوه فلا يدخل فى ذلك الوعيد ) ويستطرد شيخنا عليه سحائب الرحمة فى ذكر نكتة لطيقة فيقول ذهب الشيخ سليم البشرى شيخ الأزهر رحمه الله تعالى لزيارة السيد أحمد البدوى رضى الله عنه وكان يصحبه الشيخ محمد عبده وقد جلسا فى قبة المسجد فجاءت إمرأة تحمل خبزاً وقد قسمته على الجالسين من الفقراء فدعاها الشيخ محمد عبده وقال لها أهذا ربك ؟ فصرخت صرخة شنيعة وقالت لا إله إلا الله ربى ورب السيد وربك هو الله تعالى وهذا عبد الله وكان الشيخ محمد عبده يلبس ( كاكولة سوداء ) لم تكن معروفة عند علماء الأزهر ولكن كان يلبسها بمصر القسيسون ثم قالت له ( لما أنت قسيس داخل المسجد لتعمل إيه ) فضحك الشيخ سليم وقال للشيخ محمد عبده لما كفرتها كفرتك .
_________________